jeudi 3 janvier 2008

شيء يشدك بقسوة

خمس مراثٍ
(نشرت في ملحق النهار الثقافي 2006)
"تحت عنوان "شيء يشدك بقسوة



إلى من باتوا سكناً أخيراً
...لزياد ومي وجوزيف و

عودةً إلى زمنه الأليف


ـ 1 ـ

،عودةً، كان غيابه
،إلى زمنه الأليف
إلى حيث ينتمي، ويحيا وسط أغراض من حنين
ورقّة
وأمل


تراجع خطوتين عن الاجتماع
عقدين أو ثلاثة في الزمن
وبضعة أمتار إلى تحت خط النظر
بقي سلساً
ولم تخشوشن روحه

ـ 2 ـ

في الخارج، ثمة ضجة
تشبه الحياة
وأحاسيس مجنونة
لكن، كما تدرك تماماً، فيك
ثمة شيء مات


ما عدت ترجو سبباً آخر
للعيش
ولا للموت
ولا للرحمة
ثمة شيء فيك الآن
ينتمي للماضي
ويشدّك بقسوة

ـ 3 ـ

لا شك، هنالك بهو ضخم
للمنسيات
قد نعثر على بعض اللقى
إذا ما حفرنا أعمق
حتى من أصداء الذكرى


لن تنفضَ عنه رائحة الأسرة
والمستشفى والدواء
حيوات الآخرين
تلك التي تجري
ـ وتتم ـ
دونك

بل)
(وفي صمتك


لكن، قد تكون لك حياة كاملة
،كي تسأل، أو تأمل
،ألا ترافق ثرثرةُ الأيام الروحَ
وأن يصاحبها، ربما، غناء شفيف
عن عيون النرجس
وماء الورد

ـ 4 ـ

دعِ الحذر
واسلم عينيك للحظة
إلى نور وهّاج متراقص
ندعوه مرةً لهباً
وأخرى شهاباً
وتعلق بذيله
كي تنجو
من الصلع والصداع وأمراض الشيخوخة
وتحافظ إلى الأبد
على الرونق


،ملل خفيف، كرذاذ المطر
كلام وأكف
،وأعين
ذلك خير من الوجل
وألطف سبيلاً
إلى المنتهى


خيانات في الحشا

ـ 1 ـ

كل شيء يخوننا
ينمّ على أسرارنا
كل شيء
حتى الإصبع
أو طابع النظرة المزجاة


لكن شيئاً لا يخبرنا
نحن
بآتي الأيام
وما ستسفر عنه معارك ناهشة
في الحشا

ـ 2 ـ

غفلت عيناك وغفل جفن هانئ

لن تخبره
كيف يكون المرء ثملاً
من الألم

ولن تمرر إليه
قبساً من جذوة الأمل
التي رعيت طويلاً
والتي تذوي في حمى رقصات العشائر اللاهبة

ـ 3 ـ

مضيتَ
كأنما الأيام حجارة تتهاوى
فلا يظل فيها يوم منصوب
سوى ذلك الفاصل
بين الكون والعدم


مضيتَ
كأنما وقعت في بئر الماضي المنجّم
أو في سماء المستقبل وخيال الغيوم

ـ 4 ـ

غافلون الناس
يهرعون للحفاوة بأنفسهم
كأنها من صلبهم أتت
أو أنها الوعود


ولو دروا ما أنكروا
أنهم جماد، ترعى ناقة الموت شوكه
وما تنبت الذكرى ـ والوهم ـ فيهم
من كلأ أخضر
في جرداء الروح الساكنة




لباقة


ـ 1 ـ

ثمة من يملك قدراً
هائلاً
من اللباقة
كي يقف عند العتبة
ويعتذر بلطف
عن قفص العمر

ـ 2 ـ

،هناك، في المدى الأبعد من الوريد
بات لنا صديق

لن تخيفنا الغربة بعدُ
،لكن يوحشنا، في دواخل النفوس
تجاذب الحلم
كأطراف أحاديث الشلة

ـ 3 ـ

،مضى قتل كثير، في صرْف الزمان
منذ اكتهلنا

أو ربما مضت ضروب القضاء
.إذ كففنا عن معاندته

ـ 4 ـ
،لا
،لم يكن عناداً
بل مجرد أمل
،في أن يحمل الغيم الملوّن كاللعب
،ذاك الغربيّ، شِعْر العشيّة
.وخير الصباح

ـ 5 ـ

،من الأمل خلقنا يفاعةً
،وأنساً
،زدْتَه حتى الإقامة، ونِعْمها
.في عيني طفل

مجلس ميّ


ـ 1 ـ

يكشف من أسرار النغم ما شاء
ذياك المجلس إذ يضم الصحبة
كما وحدها الغربة تؤلف
وتطوي في رحمها بذرة الحب

ـ ذياك المجلس مجلسها الخفر
كأنّ لها من ألفة المدن ما يذهلك ويغمرك ـ

يكشف إذاً أن النغم
ما يحيل البُعْدَ فضاءً فيه اللقاءُ
وطربٌ من بروق الدهشة
يلين الحزم ودّا
ويصهر بريق العزة المستعاد أذرعاً
للعناق

ـ 2 ـ

ذياك المجلس مجلسها
وتلك الشوارع والألوان
وسحر المسارح

وحدها تعرف كيف تعقد المدينة بشالٍ
أو تبذل، فوق بريشت، الطيب والكحل

لكنها أيضاً تسبقنا،
،إذ تحلّق بمن تودّ
.إلى سماء لا يطار لها
فيدلاننا كيف السماع
وكيف الهوى
،ويتركان فينا حنيناً متخابثاً غامضاً
كالمتاهة، إلى فجر السبيل

ـ 3 ـ

..مرة أخرى نأسى

ليس الناس كالكتب
ـ وإن أحببت وأحبوا ـ
.ولا مطمع في استزادة

كالنغم هُمْ
يتأرجحون في ثنيات الزمان
والعين شاخصة إلى حضور
لا يُطوى عليه حسّ

،يخلّف الصحب، كالأغاني
بناتَ رقةٍ وكرم كثيرات
وهم كالنغم
يعبرون



ميراثكم



هذا الموت أتنفسه، يا أصدقائي
سبق أن نفخت في فيه من روحي
لكنه لم يتكلم

وفي مرة أخرى نازعته
طفلاً وسيع العينين
وكانت الحكايا تجذبني صوبه

..............................

،هذا الموت أعرفه، آيةً آية
لكنه لا ينفك يغدر

سأحفره في جلدي
وفي النقا مثوىً
عساني أصير لكم جميعاً
نصباً وسكن

..............................

في كل شهقة بعض من ألفتكم
وفي كل نبض صرخاتكم المكتومة
والرفض

لكن لن أحمل شهواتكم
أحلم أنكم ما متم قبل أن أكلتم قلبها
لا يورث الموتى سوى الاعتراض

..............................

كالماء يتعرج في ثنايا الظهر
أحمله، أربيه

ذلك الحب وتلك المودة
وهذا الأمل وهذه الرقة
،أسميكم، يا أصدقائي
حين تلجون أزمنتكم النهائية
لكم أسماء النبل
أسماء ما بعد الألم الأخير
قبل أن تيبس الصورة
مثل باطن الراحة

Aucun commentaire: